الأدب مع رسول الله
يشعر المسلم في قرارة نفسه بوجوب الأدب الكامل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك للأسباب التالية :
1- أن الله تعالى قد أوجب له الأدب عليه الصلاة والسلام على كل مؤمن ومؤمنة وذلك بصريح كلامه عز وجل إذ قال : (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين الله ورسوله )(الحجرات)
وقال (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون)(الحجرات)
وقال: ( إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم )(الحجرات)
وقال: ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم )(الحجرات)
وقال: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً)(النور)
وقال: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه)(النور).
2- أن الله تعالى قد فرض على المؤمنين طاعته وأوجب محبته فقال: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول )(محمد)
وقال : (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )(النور)
وقال: ( وما آ آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )(الحشر)
وقال : (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم )(آل عمران ) ومن وجبت طاعته وحرمت مخالفته لزم التأدب معه في جميع الأحوال.
3- أن الله عز وجل قد حكمه فجعله إماماً وحاكماً قال تعالى : (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله )(الأنبياء)
وقال: ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم )
وقال: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما )(شجر :أشكل عليهم واختلط من الأمور )
وقال: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر )(الأسوة :القدوة الصالحة )
والتأدب مع الإمام والحاكم تفرضه الشرائع وتقرره العقول ويحكم به المنطق السليم .
4-أن الله تعالى قد فرض محبته على لسانه
فقال صلى الله عليه وسلم : (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين )(متفق عليه) ومن وجبت محبته وجب الأدب إزاءه ولزم التأدب معه . 5-
5- ما اختصه به ربه تعالى من جمال الخلق والخلق وما حباه به من كمال النفس والذات فهو أجمل مخلوق وأكمله على الإطلاق ومن كان هذا حاله كيف لا يجب التأدب معه .
هذه بعض موجبات الأدب معه صلى الله عليه وسلم وغيرها كثير
ولكن كيف يكون الأدب ؟وبماذا يكون؟؟
هذا ما ينبغي أن يعلم ! يكون الأدب معه صلى الله عليه وسلم :
1- بطاعته واقتفاء أثره وترسم خطاه في جميع مسالك الدنيا والدين .
2- أن لا يقدم على حبه وتوقيره وتعظيمه حب مخلوق أو توقيره أو تعظيمه كائناً من كان .
3- موالاة من كان يوالي ومعاداة من كان يعادي والرضا بما كان يرضى به والغضب لما كان يغضب له .
4- إجلال اسمه وتوقيره عند ذكره والصلاة والسلام عليه واستعظامه وتقدير شمائله وفضائله
. 5- تصديقه في كل ما أخبر به من أمر الدين والدنيا وشأن الغيب في الحياة الدنيا وفي الآخرة .
6- إحياء سنته وإظهار شريعته وإبلاغ دعوته وإنفاذ وصاياه.
7- خفض الصوت عند قبره وفي مسجده لمن أكرمه الله بزيارته وشرفه بالوقوف على قبره صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
8- حب الصالحين وموالاتهم بحبه وبغض الفاسقين ومعاداتهم ببغضه .
الأدب مع الله هو سلوك الأنبياء والصالحين وإذا كان التأدب مع أصحاب الفضل واجباً فإن من
أوجب الواجبات التأدب مع الله سبحانه وتعالى ومن صور التأدب مع الله ما يلي :
الإخلاص
الإخلاص له سبحانه في العمل قال الله تعالى فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا
يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) الكهف 110
يقول الحسن البصري رحمه الله لا يزال العبد بخير إذا قال قال لله وإذا عَمل عمِل لله عز وجل
الشرك
الحذر من الوقوع في الشرك صغيرة وكبيره فهذا مما لا يحبه الله ولا يرضاه قال الله تعالى
( وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) الأنعام 88
الشكر
شكر نعمته عليك والاعتراف بها قال الله تعالى( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ) النحل 88
وقوله تعالى ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) إبراهيم 7
التعظيم
تعظيمه وتوقيره وتعظيم شعائره قال الله تعالى (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) الزمر 67
وقال تعالى ( مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ) نوح 103
وقال أيضاً ( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحج 32
التقول على الله
عدم القول على الله بغير علم لقوله تعالى ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ
وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ) النحل116
المراقبة
استشعار مراقبة الله لك في السر والعلانية وأنه مطلع عليك وأنت في ملكه وقبضته ( وَيَعْلَمُ مَا
تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) التغابن 4
الخشية والإنابة
الخشية والخوف منه ورجاؤه قال الله تعالى ( فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ) البقرة 105
وقال سبحانه وتعالى ( فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) آل عمران 175
وقال ( وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً ) الإسراء 75
الـتـوبة
التوبة والإنابة إليه وطلب المغفرة منه قال الله تعالى ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ
فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ) النساء 64
الــدعــاء
دعاؤه والتضرع إليه والانكسار بين يديه قال الله تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ
أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة 186
وقوله عز وجل ( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّع
َ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ) النمل 62
بتصرف